الأرشيف الوطني للصور

الأرشيف الوطني للصور

يعد الأرشيف الوطني للصور التاريخية في المكتبة الوحيد من نوعه في المملكة ، وذلك من حيث حجم مقتنياته وتنوعها ، حيث يضم أقدم الصور التي تعود إلى بدايات التقاط الصور الشمسية في الجزيرة العربية . وقد استكملت المرحلة الأولى من المشروع بحصول المكتبة على سبعة وعشرين ألف صورة قديمة ، تم جمعها من مصادر محلية وخارجية ومن المكتبات والأرشيفات العربية والعالمية ومن الأفراد داخل المملكة وخارجها . وتم استخدام تقنية المعلومات في تنفيذ المشروع فيما يتعلق بمعالجة الصور وتوثيقها واسترجاعها وتحسين جودتها ، بحيث يسهل تخزينها واسترجاعها بواسطة الحاسوب. كما تحتفظ المكتبة بالأصول الورقية للصور التي حفظت في أماكن تخزين خاصة . ويستفيد من أرشيف الصور التاريخية الكثير من الهيئات والصحف والأفراد والباحثين في تاريخ المملكة ، لاسيما في المناسبات الوطنية . وتعتزم المكتبة الاستمرار في تطوير المشروع في مرحلة ثانية للحصول على حوالي ثلاثين ألف صورة إضافية مع إتاحة الاطلاع على الأرشيف الوطني عبر شبكة الإنترنت ؛ إلى جانب إصدار بعض المراجع المصورة عن تاريخ المملكة بالاستفادة من الأرشيف الوطني للصور التاريخية . كما شاركت المكتبة هذا العام بمعرضين محليين للصور القديمة في مدينة الرياض .
 
بدأ التصوير الضوئي (الفوتوغرافي) في المملكة قبل أكثر من مائة وأربعين سنة، وذلك عندما قام العقيد محمد صادق بيك بالتقاط أولى الصور للحرم النبوي الشريف في المدينة المنورة في عام 1298هـ (1880م) ثم التقط صوراً للمسجد الحرام والمشاعر المقدسة.
 
كانت الجزيرة العربية بمعزل عن التصوير الضوئي رغم انتشاره في منطقة الشرق الأوسط وخصوصًا في القاهرة والقدس واسطنبول ودمشق وبيروت ، ولم يلقى اهتماماً من قبل القوى الأوربية فيما عدا بعض الصور التي التقطت للمناطق المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وأجزاء بسيطة من البحر الأحمر والخليج العربي. وبالرغم من أن المناطق المقدسة في الحجاز، والتي لا يسمح لغير المسلمين بدخولها، إلا أن بعض الأوربيين ومنهم رتشارد بيرتون Richard Borton استطاع زيارة مكة المكرمة سنة 1270هـ (1853م), كما زار تشارلز ديديه Charles Didier كلاً من الوجه وينبع وجدة والطائف في عام 1271 هـ (1854م). وأما الأطراف الأخرى لحدود المملكة فقد بقيت مغلقة في وجوه الرحالة الأجانب لسوء أحوالها وخطورة السفر في أرجائها وانعدام الأمن في ذلك الوقت، ومع ذلك فإن مجموعة من المغامرين خاضوا غياهب وسط الجزيرة، ودعموا مشاهداتهم بالصور، مثل والن Wallin في ستينيات القرن الثالث عشر (أربعينيا القرن الميلادي الماضي) والبالجريف Palgrave وغوار مانيGuarmani وبيلي Pelly في سبعينيات وثمانينيات القرن الثالث عشر (ستينيات القرن الميلادي الماضي) وغيرهم كثير من الرحالة المصورين.
 
بدأ الوضع يتغير حينما قام بعض الرحالة والمستشرقين بزيارة الأماكن المقدسة ولا سيما مكة المكرمة والمدينة المنورة، فجلبوا معهم آلات التصوير ليوثقوا رحلاتهم، ويسجلوا مشاهداتهم، وقد برز في الحجاز المصور الأوربي الدكتور كريستيان سنوك هورغرونيه Christian Snouk Hurgronje سنة 1302هـ (1884م), وجاء إلى مكة المكرمة ليسجل مناسك الحج وجوانب الحياة فيها، وسرعان ما تبعه مصورون آخرون.
 
لقد تركّز اهتمام الرحالة والمصورين، في بداية الأمر، على الأماكن المقدسة، لمكانتها الدينية، ولشهرتها التي غطت على باقي أجزاء شبه الجزيرة العربية ثم مدينة جدة التي حظيت باهتمام خاص لكونها بوابة التجارة إلى الحجاز, ومنفذ دخول الحجاج القادمين عن طريق البحر من مختلف بلاد العالم؛ لذا نجد الكثير من الصور لها. أما هضاب عسير وأصقاع الربع الخالي النائية فقد انتظرت حتى منتصف القرن الماضي (الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الميلادي الماضي) عندما وصلتها آلات التصوير التي جلبها توماس (Thomas ) وعبد الله فيلبي Phillby وثيسيغر Thesiger.
 
كانت استعادة الملك عبد العزيز للرياض في عام 1319هـ (1902م) إيذانًا ببداية رحلاته لتأسيس المملكة العربية السعودية، فاستعاد مناطق نجد الجنوبية والقصيم ، وأتبعها بسلسلة من الحملات التي مكنته من استعادة كافة مناطق المملكة، فذاع صيته وانتشرت أخباره إلى أقاصي الدنيا، فأسرع المستكشفون والرحالة، لأغراض مختلفة، إلى زيارة المملكة والالتقاء بالملك عبد العزيز والتعرف على شخصيته الفذة، فوثّقوا تلك الزيارات بالصور، والتقطوا للملك عبد العزيز ولمناطق المملكة صوراً مختلفة، وأبدوا إعجابهم بالقائد البارع الذي وحّد الجزيرة العربية، وجمع شتاتها، ونشر الأمن والطمأنينة فيها، ورسّخ دعائم ملك آبائه وأجداده. وتعاقب على زيارته العديد من الدبلوماسيين والشخصيات العالمية.
 
بدأت طلائع الرحالة في الوصول إلى نجد وهم توّاقون إلى تدعيم صلتهم بالملك عبد العزيز في الرياض، فكان منهم الدنماركي باركلي رونكيار Barcalay Raunkiae في عام 1331هـ (1912م)، والبريطاني جيرارد ليتشمان Gerard Leachamn في نفس العام، ووليام شكسبير W.H.I. سان جون (عبد الله) فيلبي H. St. J. Philby عامي 1336 و 1337هـ (1918-و 1918م) , وقد توافد هؤلاء الرحالة تدفعهم اهتماماتهم الشخصية بالاستكشاف إضافة إلى التشجيع الرسمي للقيام بالنشاطات السياسة من قبل حكوماتهم, وكان من أبرز الزوار الذين قاموا بتصوير مدينة الرياض الكاتب أمين الريحاني في عام 1314هـ (1922م) ومحمد أسد 1348 هـ (1929م).
 
أسهمت رحلات التنقيب عن النفط في ازدهار التوثيق المصور للمملكة فقد اهتم المنقّبون بالتقاط الصور، ليس فقط للمنطقة الشرقية من المملكة ، بل للرياض وجدة والطائف ومناطق من الحجاز أثناء رحلاتهم الاستكشافية بحثاً عن النفط. وتعد الصور التي التقطها مصورو شركة أرامكو السعودية، وهي الشركة صاحبة الامتياز في التنقيب عن النفط واستخراجه بالمملكة، من أفضل الصور جودة وتوثيقاً، أما ما عداها من الصور فقد كان أغلب مصوريها يلتقطونها للاحتفاظ الشخصي، ولسوء الحظ فقد كان معظمهم ينقلونها معهم عندما يعودون إلى بلادهم، فأصبح أكثر ما يتعلق بالمملكة من صور ملكًا لجهات وأفراد خارج المملكة.

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة ملك الفرس الذي اخضعته الدوله السعوديه الاولى

أغلى ثمانية هواتف خليوية في العالم

العهد العثماني الثاني في منطقة تبوك في المملكة العربية السعودية

مدينة الوجه محافظة الوجه