الحج خطوة لتصحيح السلوكيات الخاطئة

 خطوة لتصحيح السلوكيات الخاطئة

 

 
 

«الحج عبادة وسلوك حضاري»..

 
الحج عبادة وسلوك حضاري ينعكس في التعامل مع الغير
 
جدة، تحقيق - سعد بن عبدالله
    "الحج عبادة وسلوك حضاري" حملة دشنها صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين، أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية، بمشاركة 30 جهة من القطاعات الحكومية والخاصة بهدف تقديم أفضل الخدمات لحجاج بيت الله الحرام منذ لحظة وصولهم حتى مغادرتهم إلى أوطانهم سالمين، تستوجب استنهاض كافة المعنيين بالحج لتحقيق أهدافها، والحد من الظواهر السلبية التي تشوه الجهود أوتنتقص من أعمال تلك الجهات التي وفرت الطاقات البشرية وقدمت كافة التسهيلات لينعم الحجيج بأداء شعائرهم بيسر وسهولة.
ولتتحقق أهداف حملة الحج فإن كثيراً من الممارسات يجب أن تتوقف، إذ على كل من له علاقة بالحج في الداخل والخارج مسؤولية تحمّل ما تتطلبه منه تلك الحملة من واجبات.
وقت المراجعة
بداية يرى د.حاتم الشريف -عضو مجلس الشورى السابق والأستاذ بجامعة أم القرى- أن بعض سلوكيات الحجاج تخالف القيم الإسلامية والسلوك الحضاري، ولكنها للأسف تعكس واقع الأمة في كثير من أوجه تعاملها، مضيفاً ان الجهات الرسمية مطالبة باتخاذ خطوات تصحيحية على المدى القصير؛ كي تحد من تلك التجاوزات وترفع مستوى الوعي لدى الحجيج، خاصة وأن شريحة منهم من كبار السن ومستوى التعليم متدن لدى فئة منهم، وقادمون من بيئات مختلفة، لذلك فإن التوعية والتدريب الاستباقي سيقلص الممارسات الخاطئة والسلوكيات غير المتحضرة.
ولفت الكاتب والباحث عبدالله العلويط إلى أن الوعي في الحج جزء من الوعي العام فإذا كان هناك انضباط عام في الحياة كلها فإن الحجاج سينضبطون وان لم يوجد فلن يكون هناك انضباط، مستدركاً لكن يمكننا أن نتلافى شيئاً من الفوضوية واللامبالاة في الحج بتوزيع نشرات على الحجاج في بلدانهم قبل قدومهم للحج، مشيراً الى ضرورة ان تتضمن الإرشادات العامة والطريقة التي يجب أن يسلكوها أثناء حجهم، أي تحديد كيفية ممارسة كل فعل بالطريقة الصحيحة، كالطواف ورمي الجمرات وأماكن الجلوس والمبيت والأكل وغيرها، وتتضمن كذلك عقوبات أو غرامات لمن خالف بالتقليل من عدد حجاج الدولة التي يكثر من حجاجها المخالفات كي تهتم تلك الدول بتوعية حجاجها بنفسها وربما هم أتقن في ذلك لأنهم يعرفون طرق التوعية التي تناسبهم، منبهاً لتغيير فقه الحج عموماً، فهناك أفعال يفعلها الحجاج تتسبب بمزيد من الإرباك والفوضى ولو تم إسقاط هذه الأفعال عن طريق تجديد الفتوى لقلت السلبيات، فقد كنا نعاني من كثرة من يرمي الجمار في وقت ضيق وبعد أن تمدد الوقت خف الازدحام على الجمرات، كذلك بعض المسائل الأخرى كحث الناس على نسك الإفراد لأنه أقل عملاً ولا يوجد به هدي، وتوضيح أن الهدي لا يجب إلا على المتمتع ولا يجب على القارن كما هو شائع، وإعادة النظر في بعض محظورات الإحرام التي لا دليل عليها فقلة أفعال الحج تؤدي لقلة الفوضى.
ونوه د.الشريف إلى ضرورة ربط تأشيرات الحج باجتياز دورات مكثفة في بلدانهم قبل القدوم للحج تشتمل على قيم الحج، وكيفية التعامل مع المشاعر، وآداب الحج، وقبل كل ذلك التهيئة المناسبة لهؤلاء الحجاج بأن يكون حجهم عبادة وتقرباً إلى الله لا مجرد طقوس يؤديها، لافتاً إلى أن مثل تلك الدورات ستتطور إلى مرحلة قد نجدها وقد أصبحت معاهد وأكاديميات للتدريب، وبالتالي ستكون أحد روافد التصحيح لممارسات وسلوكيات كثير من المسلمين نجدهم يفتقدون إلى التعليم الصحيح لأمور دينهم.
التواصل الاجتماعي
من جانب آخر يؤكد د.الشريف أن وزارة الحج والجهات المعنية بالحج مثل مؤسسات الطوافة ومكاتب حملات الحج مطالبة بتوزيع إصدارات توعوية وأفلام وثائقية بمختلف اللغات، مقروءة ومرئية وصوتية تشتمل على المخالفات التي تتكرر من الحاج، ويشير إلى أهمية توظيف شبكات التواصل الاجتماعي في إيصال تلك الرسالة، وبجانب التوعية يرى أن تفعل الأنظمة التي تخالف وتعاقب من يتعمد الوقوع في الخطأ.
مساهمة بعثات الحج
من جانبه قال د.أحمد باصاري -قنصل الحج الأندونيسي- إن وزارة الشؤون الإسلامية في أندونيسيا تحرص على تثقيف الحجاج الأندونيسيين، وتدريبهم على نسك الحج وشعائره، كما تنضم دورات لا تقتصر على الجانب النظري وإنما تمتد إلى الجانب العملي، من خلال تأدية مناسك الحج بشكل عملي، للتعرف على كل تفاصيل الحج، وتدريبهم على كيفية أداء مناسك الحج في عرفة ومزدلفة ورمي الجمرات وتنقلاتهم وكيفية التعامل مع المستجدات التي يمكن تحدث أثناء تأدية الحج، ونوه إلى أن المدارس والحلقات الدينية تغرس في نفوس النشء كيفية تأدية مناسك الحج، وتعظيم الأماكن المقدسة، حتى أن بعض المدارس تقوم بعمل مجسمات للكعبة وللمشاعر وتجد صغار السن يقومون بأداء الحج وكأنهم في مكة المكرمة، وشدد على أن المدارس الدينية في اندونيسيا تحرص على بناء الشخصية المسلمة الحضارية في سلوكها.
التحديات
ولم يخف القنصل الاندونيسي حدوث بعض التجاوزات من الحجاج أثناء الحج بما يتنافى مع تعاليم الدين فيما يخص السلوك الحضاري، وقال: إن أكبر تحد يواجه الجهات المعنية بتنظيم الحجاج الأندونيسيين هو متوسط أعمار الحجاج؛ حيث تصل نسبة كبار السن إلى 62% من الحجاج، وبعض هؤلاء يكون في مستوى تعليمي بسيط، وتكون لهم الأولوية في الحج، منوهاً إلى حدوث وفاة 32 حاجاً أندونيسياً سبعة منهم توفوا قبل وصولهم إلى المملكة فيما مات الباقون في المدينة المنورة وأثناء انتقالهم إلى مكة المكرمة، لافتاً إلى أن قوائم الانتظار لبعض الأقاليم في أندونيسيا تصل إلى 30 سنة، مما يدفع بالبعض إلى القدوم للمملكة لأداء فريضة الحج بعقود عمل موسمية، تصل تكاليفها أحياناً إلى عشرة الآف دولار.
وأوضح أن أي حاج اندونيسي مخالف سيكون غالباً خارج بعتات الحج الرسمية، منوهاً إلى تعاونهم مع السلطات السعودية لإنجاح موسم الحج، وتقديم كافة أوجه الدعم وتواصلهم الدائم معهم.
 خطوات مستقبلية
ويرى عبدالله العلويط -باحث- أن تأصيل السلوك الحضاري مرتبط بتجديد الخطاب الديني عموماً من حيث المضمون والمحتوى والطريقة، وهو موضوع يطول لكن يمكننا القول إن هذا الخطاب السائد لم يكن من ضمن أدبياته ضبط سلوكيات الناس مما يقع خارج الخصوصية والايديولوجيا أي أن تركيزهم فيما يخدم الخصوصية، وحتى تطوير هذا الخطاب لابد أن يكون مع فعاليات مساندة كالإعلام والتعليم.  
ويطرح العلويط فكرة حصر دخول المسجد الحرام أيام الحج لمن كان لديه تصريح حج، ولا شيء في هذا، كما أنه لا يوجد ما يحرمه؛ لأنه للمصلحة وهذا هو المنفذ الوحيد الذي نستطيع من خلاله تقليل عدد الحجاج غير النظاميين لأنهم لن يتمكنوا من طواف الإفاضة والذي هو ركن من أركان الحج.
وانتقد د.الشريف في هذه الجزئية ضعف الفهم للنصوص، وقال كان الصحابة رضوان الله عليهم يقولون: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الإيمان قبل القرآن" وهذا يكشف أهمية التدبر لنصوص القرآن لامجرد حفظها، مطالباً بمراجعة شاملة لواقع الخطاب الديني، وتعزيز دور المنابر الدعوية في ترسيخ قيم الدين الصحيح والتأثير على سلوكيات المسلمين، متمنياً لو حرص كل منا على إصلاح النفس ومراقبة الله والتحلي بالأخلاق والقيم الإسلامية التي وجدت لإعمار الأرض، وهذا المنحى الذي يسمى في العلوم الحديثة بالسلام الداخلي هو طوق النجاة للمسلمين والضمانة الوحيدة لحياة مطمئنة وسلوك وقويم.
وشدد العلويط على أن البعض من الحجاج عن جهل ينظرون للحج كفعل مادي أو حركات يقوم بها كالصائم الذي يغتاب الناس ويضرهم فهو ينظر للصوم على أنه امتناع عن الأكل أي أنه يمارس الفعل المادي فقط مغفلاً الجانب الروحي في العبادة، وربما طريقة صياغة الأحكام الفقهية بالطريقة القانونية هي ما نزعت الأحكام من روحانيتها فلا بد من التوجيه أن الروحانية التي تعيشها في الحج هي الحج لا أفعاله، مشيراً إلى أن الأفعال تتكرر في الحج وغيرها وأن من يقترف أعمالاً غير أخلاقية أو ضارة أو سلوكيات منحرفة أو عنفاً ليس له من حجه إلا التعب مثلما أن الصائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش إذا ظلم الناس وأساء لهم قولاً أو فعلاً.
استراتيجية العمل
وفيما يخص استراتيجية العمل قال د.هشام الفالح: تعمل الحملة على تحفيز التفكير والتركيز على رسالة الحملة بشكل مكثف ومقنع واستخدام المنطق، والتأكيد على أن تصريح الحج مجرد أداة للحفاظ على قيمها ومعانيها النبيلة والاعتماد على مرتكزات أساسية هي أن الحج مسؤولية ومساواة ونظام وضيافة وسكينة.
وأشار إلى أن الحملة تقوم على عدة استراتيجيات منها إيصال مفهوم الحملة لأكبر عدد ممكن من الشرائح المستهدفة مثل مؤسسات الطوافة، شركات الحج، قطاع النقل، حجاج الداخل، مواطنون، مقيمون، الإعلام بشتى وسائله التلقيدية والحديثة، الشخصيات المؤثرة، حجاج الخارج، الجاليات المسلمة، الإعلام الخارجي، القنصليات، القيادة العليا، الأمن، الصحة، البلدية، إضافة إلى الجهات الدينية الرسمية، ومن استراتيجيات الحملة كذلك التعريف بالعقوبات، وتوظيف نتائجها لإيضاح أهميتها للخروج بموسم حج ناجح.
حاتم قاضي
توعية الحجاج دينياً وصحياً واجتماعياً
قال الأستاذ حاتم قاضي -مستشار وزير الحج- إن وزارة الحج تشارك في منظومة حملة "الحج عبادة وسلوك حضاري" كأحد الجهات الحكومية المعنية بخدمة الحجيج والعناية بهم، إذ إن الوزارة عقب نهاية حج كل عام تقوم باستقبال 73 بعثة تمثل بعثات الحج الرسمية في المملكة، وذلك خلال الفترة من صفر إلى رجب، ويتم التأكيد على تلك البعثات بأهمية توعية الحجاج من الناحية الدينية الصحية والبيئية والاجتماعية، وأهمية التقيد بتعليمات الدفاع المدني، وتفادي الازدحام، وحمل الأمتعة، ويتم توزيع حقيبة توعوية تضم تعليمات الجهات الحكومية، لتترجم إلى لغاتهم وتوزع على الحجاج القادمين إلى المملكة، وتأتي تلك الجهود من الوزارة ضمن عنايتها بالجانب التوعوي الذي يسهم في تحقق أهداف الحملة.
وكشف مستشار وزير الحج عن نجاح خطة الوزارة في القضاء على حملات الحج الوهمية بعد حصر التسجيل في الحملات من خلال بوابة الحج الإلكترونية التي ضيقت الخناق على الحملات الوهمية، وأصبح بإمكان كل من يرغب الحج التأكد من نظامية الحملة، وضمان عدم تعرضه للاحتيال، وبالتالي ستحد من الافتراش الذي يكون أحد أسبابه حملات الحج الوهمية.
د.هشام الفالح
تحقيق التوازن بين أعداد الحجاج والطاقة الاستيعابية للحرم المكي
أوضح د.هشام الفالح -مستشار أمير منطقة مكة المكرمة رئيس اللجنة التنفيذية والتحضيرية لأعمال الحج- أن الحملة التي تبناها الأمير خالد الفيصل، عمل توعوي يساهم في تأدية الحجاج نسكهم على أكمل وجه بطريقة شرعية وحضارية، وتعكس في المقام الأول حرص القيادة في المملكة على أن يؤدي ضيوف الرحمن نسكهم في جو من الراحة والطمأنينة، مع الأخذ في الاعتبار تقديم كافة الخدمات التي تعينهم على أداء الفريضة بيسر وسهولة.
وذكر أن مهام اللجنة تندرج ضمن المرتكز الثاني من إستراتيجية تنمية منطقة مكة المكرمة التي تؤكد على التعامل الراقي مع الحاج والمعتمر والارتقاء ببناء إنسان المنطقة ليتحقق على يديه النهوض بمستوى خدمات ضيوف الرحمن ليبلغ وصف القوي الأمين.
وأشار إلى أن الحملة ترتكز على عدة استراتيجيات يأتي في مقدمتها إظهار الصورة الحضارية للركن الخامس للإسلام، من خلال العلاقة القائمة بين الحج كعبادة وسلوك حضاري وضيوف الرحمن ومقدمي الخدمة لهم.
وبحسب د. الفالح فإن الحملة ترمي إلى تشجيع الالتزام بالأنظمة والتعليمات المتعلقة بموسم الحج، بما يحقق التوازن بين أعداد الحجاج والطاقة الاستيعابية للحرم المكي في ظل مشاريع التوسعة التي يشهدها في الوقت الراهن، كذلك فإن الحملة تهدف إلى القضاء على الظواهر السلبية خلال الموسم ومنها الافتراش وكل ما يعكر صفو الشعيرة، كما تضطلع الحملة بدور مهم يتمثل في رفع مستوى الوعي لدى الحجاج، وتحفيزهم على مراجعة السلوك قبل مباشرة الفريضة لضمان عدم الوقوع في المحظور.
وعن مرتكزات الحملة أوضح د. الفالح أنها تستند إلى محاور عدة من بينها احترام المكان والحدث والإنسان، واحترام الأنظمة، سيما وأنها تشمل جانبين توعوي وتحذيري، وتنمي في مضامينها إحساس الحاج والمعتمر بمسؤوليته، وتشجعه على المبادرة لتغيير سلوكياته واستشعار دوره الإنساني المسلم المتحضر إزاء الحجاج وأداء الفريضة، مؤكدا ان الحملة أخذت على عاتقها أيضا، إبراز عدة رسائل في مقدمتها إظهار التطوير المستمر للمشاعر المقدسة ولعملية تنظيم الحج التي تشكل إحدى أولويات المملكة، وتحقيق الشراكة الجادة والفاعلة بين القطاعات المشاركة في خدمة ضيوف الرحمن، مبينا ان تحقيق اهداف الحملة يتطلب معالجة الكثير من السلبيات من أهمها غرس ثقافة خدمة الحاج والمعتمر من خلال شعار الحج عبادة وسلوك حضاري والتأكيد على الحجاج غير النظاميين أن عليهم الحصول على تصريح الحج، والتأكيد على منع المركبات المخالفة وغير المصرح لها، من الدخول إلى منطقة الحرم المركزية والمشاعر المقدسة.

إرشادات توعوية للحجاج بمختلف اللغات
د. حاتم الشريف
د. أحمد دومياتي
عبدالله العلويط


توعية الحجاج كبار السن مهمة مضاعف

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سوق الوجه قديماً.. حركة اجتماعية واقتصادية وتاريخية

ثماني وثائق لشيخ سليمان بن رفادة والملك فيصل بن حسين

الصحابي زهير بن قيس البلوي

صور لمدينة الوجه قبل مية عام تم تصويرها مابين1911 و1916

ماذا تعرف عن أعظم فاتحي المغرب والأندلس؟موسى بن نُصيرالبلوي